بسم الله الرحمن الرحيم
همســــــــــات
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ...أما بعد
- إخوة الإسلام : عبء ثقيل ، ومسؤولية جسيمة تلك التي نحملها نحن المكلفين على كواهلنا ـ أمانة عرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا .
- الوظيفة في القطاع الحكومي العسكري والمدني وفي القطاع الأهلي كذلك وسيلة للعيش الشريف والكسب النظيف، وما من موظف إلا وهو مسئول عن وظيفته ومؤتمن من خلالها على مصلحة من مصالح المسلمين في حياتهم ومجتمعهم. ولذلك فإن المبدأ الإداري الذي يقول: (إن الرواتب والمزايا للأعمال وليست للأشخاص) والمبدأ الإداري الآخر الذي يقول: (إن الوظيفة العامة تكليف وليست تشريفًا) جاءَا ليؤكّدا هذه الحقيقة.أخوة الإسلام : إننا مطالبون أمام الله عز وجل ، ثم أمام الناس بأن نتقي الله تعالى في وظائفنا ومسئولياتنا ، لأننا مؤتمنون عليها وسوف نسأل عنها أمام الله جل في علاه (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) سورة النساء آية رقم 58 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رواه أحمد وغيره .وقال أنس رضي الله عنه: ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له »
- أيها الموظف :أخلص لله في عملك ، وخلص كسبك من شبهة الحرام .. أتقن عملك الذي كلفت به فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاُ أن يتقنه ) أخرجه مسلم كن ملتزما في حضورك وانصرافك إلى مقر العمل بالوقت الذي تم توقيع العقد عليه ، ولا تحتجّ بحال غيرك ، فأنت ستسأل عن نفسك .
- كم هم الذين يحضرون متأخرين وينصرفون مبكرين دون تأنيب ضمير أو شعور بالخطأ والتقصير، كم من الموظفين من يحضر ليوقع ثم ينصرف فلا يرى في دائرته إلا بعد الظهر لتوقيع الانصراف، فإذا ما تسرب الخبر عن وجود مسئولين لزيارة تلك الجهة رأيت مثالية مصطنعة لا نظير لها . فأين الله ؟
مرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه براعٍ يرعى غنماً فقال له: بع لي شاة من غنمك – يريد أن يمتحن إيمانه ويمتحن صدقه مع الله- قال الراعي: يا أمير المؤمنين الغنم لسيدي. قال عمر : إذا سألك سيدك عن الشاة فقل أكلها الذئب. قال الراعي: الله أكبر.. فأين الله؟ فجلس عمر يبكي ويقول: صدقتَ والله.. فأين الله؟
- أيها الموظف : لا تكثر الاستئذان ، فإذا استأذنت لحاجة ماسة فارجع سريعا ، ولا تكن كحال أولئك الذين يخرجون ولا يعودون ، أو يتأخرون كثيرا فعملهم هذا محرم لأن الضرورة تقدر بقدرها وعليك أيها الموظف أن تجعل للعبادة وقتها المعقول لتعود بعد ذلك إلى عملك ، ولكم أن تتصوروا أن وقت الفطور أو الصلاة في بعض الدوائر يمتد إلى ساعات تعطل فيها مصالح الناس.. إن من عَطَّل مصالح المسلمين ولم يقض ِ حوائجهم وهو قادر على ذلك واقع تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين ، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم ، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة )) . رواه أبو داود والترمذي- أيها الموظف : إن التقصير في أداء الواجب عليك والذي تتقاضى عليه أجراً يجعل ذلك الأجر الذي تتقاضاه من غير وجه حق سحتاً وكسباً حراماً، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم) -أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به)، فأي وعيد يفوق هذا الوعيد؟ ولا تتعجب بعد ذلك عن سبب رد الدعاء وعدم إجابته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ) أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة( أخرجه الطبراني .- أيها الموظف الأمين : إن الواجب الوظيفي أمانة، والأمانة حقها أن تؤدى، ومن لم يؤدها فقد أوقع نفسه في براثن الغدر والخيانة التي كان يستعيذ منها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، والله – تعالى كما أخبر - لا يحب الخائنين .
- ومن الأمانة حفظ ممتلكات الدائرة التي تعمل بها وعدم استعمال أجهزتها أو سياراتها أو موظفيها للمصلحة الشخصية .- إن على هؤلاء أن يعلموا أن ما هم فيه من مناصب ووظائف فهي زائلة، وأن الكراسي التي يشغلونها قد شغلها من هو أطول منهم عمرًا ومن سبقهم، وأن لهم يومًا يذهبون عنها ويقفون فيه بين يدي الله سبحانه وتعالى، ليس مع أحد منهم ولي ولا شفيع، ولا يغني عنه نسبه ولا حسبه، وليس له حينئذٍ إلا ما جنت يداه، يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [النحل: 111]، حينئذ يعرضون على الله كما قال الله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة: 18]، حينئذٍ يجازون عند الملك الديان بما يستحقون، ولا يمكن حينئذ أن يراعى فيهم حسب ولا نسب ولا منصب، فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ [المدثر: 48-51]. - أيها الموظف : وطِّن نفسك في تعاملك مع زملائك و مع الجمهور على الخلق الرفيع، والأدب الجم ، من حسن الاستقبال، والعناية بحاجات الناس ، وإنجازها كن سهلاً ليناً لطيفاً في تعاملك مع الناس ومد يد العون لهم في حدود النظام ودونما ضرر أو ضرار ، وتذكر أن من يَسَّرَ على مسلم ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة وأن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ؛ يقول عليه الصلاة والسلام : (( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فشق عليهم ، فاشقق عليه. ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به )) رواه مسلم - أخوة الإسلام : إن الواجب الوظيفي ينعكس أثره على الأمة ، فإن أدى الموظف ما عليه، وقام بما يوكل إليه ؛ كان ذلك سبباً في رقي الخدمة التي يقدمها ، فيدفع بذلك عجلة التقدم في الأمة عامة، وإن قصَّر في واجبه فإن ذلك يعني تدهور الخدمة التي يقدمها للأمة، وبالتالي فإنه يسهم في تأخر الأمة وتخلفها. اللهم اجعلنا ممن اختصصتَهم لقضاء حوائج عبادك، ووفقتهم للهدى والتقوى والعمل الصالح والإخلاص والقبول بفضلك يا أرحم الراحمين. اللهم صلِ على من بلّغ البلاغ المبين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...